🇿🇦 🇸🇿 الرحلة إلى أرض سفالة وبلاد واق الواق ٢
- Mostafa Farouk ابن فضلان
- Aug 15, 2020
- 4 min read
Updated: Oct 30, 2020
وهنا تدحرجت كرة الدهشة إلى ملعبهيما حين صرختا في ضاحكتين أتتكلم الأفريكانز؟! فرددت مداعباً طبعاً أو لست أفريقياً مثلكما، دا حتى جدي الله يرحمه كان شاكا زولو (زعيم محارب من قبائل الزولو) فضحكنا ثلاثتنا...

محمية پيلانسبيرج Pilanesberg-Nationalpark قرب سوازيلاند حيث تتبختر الزرافات عبر الطريق بأريحية
🇿🇦 🇸🇿 الرحلة إلى أرض سفالة و بلاد واق الواق ٢ تجارب شخصية مع أهل واق الواق، قبل أن تحط رحالي في أرضهم: أولهم كان مديراً لملاعب جولف عمر الشريف بچوهانسبرج، ولم أكن أعلم أن لعمر الشريف ملاعب جولف أو حتى استثمارات بجنوب افريقيا قبلئذ، قابلته بالأقصر قبيل كأس الأمم الإفريقية 1996 بأيام والتي لعبت لديهم بعد عام أو اثنين من تبوء نيلسون مانديلا لمقعد الرئاسة وبدأنا نسمع عن منتخب البافانا بافانا، وكانت هناك مباراة مرتقبة بين مصر وجنوب افريقيا فراهنني على فوزهم، وراهنته بنية الهدية أو النذر إن فاز فله جنيه مصري وإن فزنا فلي راند واحد عنده، وفزنا يومها بهدف لأحمد حسن وذكرته بكلماته في خطاب وضعت له الجنيه جدعنة مني على أن يرد بالراند -لأَنِّي جامع للعملات ولست مراهناً ولم تكن عملات جنوب افريقيا قد دخلت في حيازتي بعد- لكنه لم يرد إلى اليوم، ولازلت أحتفظ بكارته الشخصي والذي كان يحمل توقيع عمر الشريف فوقه بخط أصفر على شعار يحمل صورة لتلال الجولف، في ظني أنه قد يكون قد توفي الآن لأنه كان يبدو سبعينياً آنذاك، فلن أرجع على الورثة! ربنا يسامحنا جميعاً
الثاني كان مدرباً للتنس في رحلة عمل إلى جلاسجو بأسكتلندا، وكان جاري بالطائرة ذات رحلة وتجاذبنا أطراف الحديث من الناحية التي شجعتني على إغلاق كتابي وأكملت معه عن مقارنات اللغات والأصوات الغريبة في لغة الزولو وكيف أن بها أصواتاً طريفة وفريدة بين اللغات أشبه بما حاول اسماعيل يس والخواجة بيجو في فيلم قديم كتابته من لغة مخاطبة الحمير، وأن هذه الأصوات عرفت فيما بعد أن نشأتها في لغات الزولو وجيرانهم له بعد فلسفي في ثقافة البوشمن الذين يَرَوْن أنفسهم ليسوا مسيطرين على الطبيعة ويسخرونها كباقي الحضارات لكنهم جزء من الطبيعة فأصوات للضفادع والسحالي تسربت للغاتهم إلى أن صار لها أحرف ومن ثم طريقة كتابة لديهم فعلاً! وشرحت له طرق كتابة الأصوات في اللغات السامية العربية والعبرانية مثالين والسامي حامية كالمصرية القديمة وأثرها في أبجديات السلاڤ فيما بعد، ورغم أنه لم يكن يعرف الأفريقانية بالقدر الذي يشجيني إلا أنه أكد لي أن الأفريكآنز يشبه الفلمنكية منذ مائة عام، فأبديت تفهمي لذلك بسبب نظرية العزل اللغوي والتي تضمن حفظ اللغة رائقة وصافية من تطور أو تحريف تأثراً باللغات المحيطة وخاصة إن بعدت عن أصولها ونجد هذه الظاهرة أقرب لنا في الفهم في مثالين:
- يهود اليمن هم أفضل اليهود في الحديث بالعبرانية دون غيرهم من الشرق أوروپيين الذين يعانون بالطبيعة مع أصوات عبرانية أصيلة كالحاء (ח حيط) والصاد (צ صادي) والعين (ע عاين) فينطقونهما خاءاً وتسادي وألفاً ممطوطة، بسبب أنهم انعزلوا في بيئة عربية سامية بها نفس الأصوات، فلم ينسوا تلك الأحرف التي سمعوها ورددوها يومياً حين تكلموا بالعربية أما يهود الروس والأوكران والپولنديون وجيرانهم ليس لديهم هذه الأحرف من أساسه فنطقوها مشوهة
- فرس أفغانستان يتحدثون لغة الداري وما هي سوى فارسية لكنها أقرب للفارسية الكلاسيكية حيث ظلت رائقة وأصيلة لانعزال من يتحدثونها في الجبال الوعرة والمنقطعة عن التواصل مع حضارات أخرى عن فارسية ايران التي تأثرت بكثير من اللغات كالعربية والفرنسية والروسية، فصار اليوم الأفغان من متحدثي الداري يفهمون الأعمال الكلاسيكية وكتب التراث الفارسي عن الإيرانيين حتى ولو لم يكونوا مثقفين.
- الثالثة كانت زميلة لي في بروكسل في بيت الهولندية Huis van het Nederlands -وهو أشبه بمعاهد جوتة أو ثربانتيس أو پوشكين للغات الألمانية والإسپانية أو الروسية على الترتيب- وكانت تتحدث هي الأفريكانز و الإنجليزية بطلاقة ك native speakers لكن حين تكتب الفلمنكية كانت تظهر أخطاء كثيرة أو لنقل فروقاً في نهايات الأفعال وبعض الكلمات بصفة خاصة فهم يكتبون مثلا الضمير أنا ek بدلا من Ik أو‘k أو كلمة جديد nuwe/nuut بدلا من nieuw ولن أتحدث عن تصاريف الأفعال المضحكة فبدلا من التعبير عن الكينونة ب ik ben فيقولون ek is! وهو أمر كاستخدام التصريف I is بدلاً من I am في الإنجليزية، فقررت بشجاعة طالما أنها تعيش في بروكسل أن تصقل هولنديتها كتابة كما هي شفاهةً، ولقد كانت انسانة رائعة وجدعة لو غبت عن الحصص ليومين ثلاثة أضطر فيها لظروف العمل الذهاب لمركزنا الرئيسي في براونشفايج بألمانيا تاركاً بروكسل أجدها قد جمعت لي نسخة من كل الورق والتمارين التي وزعت في غيابي ومتطوعة أن تشرحها لي في عجالة بعد المحاضرة اليومية فلم أكتف بإحضار هدية صغيرة من الحلوى الألمانية التقليدية حيث اقترب وقت أعياد الميلاد، فعزمتها يوماً على "مستر فلافل" محل مفضل لي في بروكسل حين أفتقد الفلافل المصرية، وكانت الوجبة الشعبية المصرية حدثاً و دعامة في توطيد زمالتنا خاصة وأنها كانت من النباتيين
- موقف رابع عابر كان بوادي الملوك بالأقصر عند مقبرة تحتمس الثالث -حيث اعتدت تدليل زبائني في الشرح، أو لعله كان يوماً مزدحماً عند المقابر الكلاسيكية المعتادة فأنقذت زبايني من التكدس ووقفت أشرح لهم نشأة الكاريكاتير أو ال Strichmännchen أو ما أسماه العامة (الرسوم الفرنسية) -نظراً لأنهم اعتادوها من كتب اللغة الفرنسية بالمدارس المصرية لفترة ما- وفي أثناء الشرح اقتربت فتاتان من مجموعتي وهذا أمر الحمد لله اعتدته، أن تنضم بعض زباين مجموعات أخرى لمجموعتي أثناء الشرح -لدرجة أنه كان يسبب لي بعض الحرج مع بعض الزملاء- لكن الفتاتان حسناوتان بدرجة تيقنت معها أنهما ليستا من الألمان! فقلت وماله طالما تفهمان الشرح إحداهما أو كلتاهما فيا تلميت مرحب وحين صرفت زبائني للدخول للمقبرة التي في بطن الجبل لتفقدها من الداخل لم تذهبا وفضلتا أن تطرحا المزيد من الأسئلة بعد ثناء على شرحي ولغتي الحمد لله، فأجبت عن طيب خاطر إلا أنني وجدت احداهما تترجم للأخرى إجابتي للغة شبه الهولندية ففهمت الأمر بعدما لمحت على حقيبة إحداهن علم جنوب افريقيا، إلى أن تعثرت في ترجمة فقرة ما فأكملتها لها مبتسما وهنا تدحرجت كرة الدهشة إلى ملعبهيما حين صرختا في ضاحكتين أتتكلم الأفريكانز؟! فرددت مداعباً طبعاً أو لست أفريقياً مثلكما، دا حتى جدي الله يرحمه كان شاكا زولو (زعيم محارب من قبائل الزولو) فضحكنا ثلاثتنا، لكن أوضحت لهما أنني درستها كمادة جانبية في جامعة مونستر WWU Münster بجانب الانفوسيستمز والكلام الفاضي التاني وماعرفش اليوم ده الزبائن ولاد الل(ذ)(ع)ينة - ولاد اللذينة أو ولاد اللعينة, اقرأها كما شئت - عادوا مبكراً فاضطررت لوداع بنات العمومة على غير رغبة لأتجه مع زبائن الأوڤر داي للسيارة لنلحق ما تبقى من زيارات اليوم!
Comentarios