🇬🇧 ☘️ ضجيج الألوان والأشكال

بن فضلان في بلاد الايقوسيان (بلاد السلت والكلت)

🇬🇧 ☘️ في كل بلاد الدنيا يكون هناك بنك مركزي واحد يأخذ على عاتقه عدة مهام أولها المراقبة على البنوك وثاني أهم مهمة لكن أشهرها على الإطلاق هي إصدار الأوراق النقدية أو البنكنوت وفق الكلمة المعربة عن الإنجليزية، وأول ورقة نقد أصدرها الصينيون كصك لتيسير المعاملات بدلاً من مخاطرة أن يحمل التجار كميات الذهب والفضة والجوهر في أسفارهم وتطورت أوراق النقد في الشكل والخامات والألوان لرفع معدل الأمان ويصعب التزوير من ناحية وتبدع كل دولة في اظهار شعارها أو أهم شخصياتها ومكونات ثقافتها ومفاخرها بين باقي الأمم، فأوراق العملة هي بحق ذاكرة الشعوب إلا في هذا البلد الغريب والفريد في شخصيته وهويته المملكة المتحدة البريطانية الذي تبدأ مشاكله التعريفية حين نشرع الحديث عن الاسم الرسمي للدولة (فالجزر البريطانية غير بريطانيا العظمى غير المملكة المتحدة، وكذلك أيرلندا غير جزيرة أيرلندا غير جمهورية أيرلندا غير أيرلندا الشمالية والتي في حد ذاتها لها اسمان يلغيان بعضهما بعضاً فَلَو قلت „أيرلندا الشمالية“ فأنت انفصالي وترفض انصياعها للملكة المتحدة وغالبا، أنت كاثوليكي كيلتي وبتشجع فريق سيلتك ولونك المفضل الأخضر وتؤيد القضية الفلسطينية!

أما لو قلت عنها إقليم الألستر Ulster فأنت تجل حكومة جلالة الملكة إليزابيث المعظمة وحامية الإيمان ورئيسة الكنيسة الپروتستانتية ومن المحافظين وبتشجع فرق الدوري الإنجليزي المختلفة عدا ليڤرپول أو إن كنت اسكتلندياً ففريق الرينجرز ولونك المفضل الأزرق وتنحني جبهتك عن طيب خاطر لليونيون چاك أو العلم البريطاني الشهير ذي الألوان الزرقاء التي تمثل إسكتلندا والبيضاء والحمراء من العلمين الإنجليزي والأيرلندي الشمالي، ناهيك عن المسميات الأخرى التي تلحق چيرنسي وچيرسي وجزيرة مان

وهذا التعقيد والتشابك اللوني الثقافي والعقدي الديني الذي يرجع لقرون طويلة من أيام الملك جيمس -من أهم ملوك الإنجليز وترجم الكتاب المقدس وعرفت طبعته بنسخة الملك جيمس-…

وهنري الثامن الذي حارب ولده الذي شق عصا الطاعة وذهب لزواج ملكة (الإيقوسيين) إسكتلندا

كل الخناقات دي ألقت بظلالها على أتفه الأشياء مثل لون تنجيد كراسي "برلمان الألستر" -وهو الاسم الرسمي لبرلمان ايرلندا الشمالية، والذي كنت دعيت له رسمياً منذ احدى عشر عاماً خلت- والتي كانت زرقاء كحلية اللون لتكون شاهداً على أنه منحة من جلالة الملكة لشعب "إقليم الألستر من الأيرلنديين" وتكفلت حكومة لندن بتكاليفه كاملة (التنجيد على العروسة، عفواً على الملكة) كي لا تكون المقاعد خضراء اللون، ذلك اللون الكلتي البغيض تحديداً في هذه البقعة من الأرض رغم أن نفس ذات اللون الأخضر مستخدم في تنجيد كراسي مجلس العموم البريطاني (برلمان ويستمنستر) من عقود طويلة بلا مشاكل.

فتخيل إذاً النظام النقدي في كل من أيرلندا الشمالية وإسكتلندا ذواتا الثقافة الكلتية المتصارعة دوماً مع الإنجليز كيف سيكون شكله؟!

في (أيرلندا الشمالية أو الألستر) -بحسب إن كنت كُلجياً أو دولجياً- هناك خمسة بنوك (وكانوا ستة حتى عهد قريب) تصدر خمسة/ستة أشكال من الجنيهات الإسترلينية!

وفي إسكتلندا بالمثل أربعة بنوك مختلفة وأربعة أشكال مختلفة للنقود البنك الوحيد المشترك في كل هذه الزحمة الشكلية والضجيج اللوني هو بنك إنجلترا Bank of England والاسترليني الذي يصدره هو الأشهر في العالم كله لأنه يمتاز بصورة جلالة الملكة في صدر الورقة أما الظهر فتأتي كل فترة أهم الشخصيات البريطانية:

تشرشل (فئة الخمسة) ظهرت منذ ثلاث أعوام وكنت نوهت عنها في حينها في پوست قديم، وچين أوستن (فئة العشرة) بمناسبة مرور مائتي عام على ميلادها في أحدث إصدارين من الأوراق الپلاستيكية (پوليمر) ليرافقا آدم سميث وچيمس واتّ على فئتي العشرين والخمسين من الإصدار الحديث نسبياً لذا فهما من الورق القطني وسبقهما في التسعينات جورج ستيڤنسون وتشارلز ديكنز وفاراداي (بتاع خطوط الفيض) وهوبلون، وداروين على عشرة الميلينيوم الشهيرة عام ٢٠٠٠. وكان قد سبقهم إسحاق نيوتن وفلورانس نايتنجل ووليام شيكسپير الشخصية الأطول استخداماً على الورق الإنجليزي لمدة ثلاثة وعشرين عاماً كاملة، حتى الملكة إليزابيث نفسها تتغير صورها وپروفايلاتها حتى بلغت خمسة پروفايلات أجملها في رأيي الپروفايل الثاني الذي استخدمته بين عامي 1971-1984

ولهذا يفضّل أن تغير أوراق نقدك الإسترلينية حين تترك أسكتلندا أو أيرلندا الشمالية بإتجاه إنجلترا أو باقي دول العالم إلى أوراق انجليزية بصورة الملكة حيث يشترك الجميع في احترام الست الكُبارة الياصابات بنت جرجس أو إليزابيث بنت جورج ملكة الإنجليز -حيث أفعل الآن قبل اللحاق بقطار مانشيستر- لأن البعض قد يرفض هذه الأوراق الجميلة الملونة بالصورة إما عن جهل أو استجهال!

تحضرني نكتة تروى عن السيد تشرشل أهم رئيس وزراء لبريطانيا في تاريخها وواحد من الثمانية مواطنين الشرفيين للولايات المتحدة الأمريكية، أنه ذهب لخطاب في مجلس العموم أيام الحرب بتاكسي فسأل السائق إن كان يمكنه الانتظار ريثما ينتهي من أمره (خطبته، التي كانت ستبث في المذياع) فرفض السائق الذي لم يتعرف للراكب معه، وقال في تلقائية، عفواً سيدي لن أستطع العمل ومن ثم انتظارك حيث أنتظر الاستماع لخطاب السيد تشرشل في الجمعية العمومية بعد قليل، ففرح ونستون ومنح السائق ورقة بخمسة جنيهات في ذلك الزمن كإكرامية، فقال السائق هكذا إذاً أستطيع انتظارك سيدي وليذهب السيد تشرشل للجحيم!

#بن_فضلان_في_بلاد_الإيقوسيان